نعم لم يطب لي المقام في أرض ماتت فيها أحلامي
وتفطر قلبي أمام عيني
فغادرتها باحثا عن ترياق يشفي عذاب الروح
ويخفف من وطأة الألم وثقل المعاناة
كانت أيامي الأخيرة في مدينة الحب طويلة
وكان ظلام الليل ثقيلا وهواؤه خانق
كنت وحيدا وسط ملايين الخلائق
وصامتا في جو صاخب
وكان علي أن أكون كالطير يرقص مذبوحا من الألم.
قبل أن أغادر إلى الأرض الجديدة
حاولت كثيرا أن أهديء من روعة القلب
ومن حدة الشوق
حاولت أن أمني النفس بالنسيان والعيش في سلام
حاولت أن أصاحب الطرقات والجدران ونجوم الليل الصامتة
حاولت أن أقلد الطير في صمته..
مسجونا في قفص من الذهب
رغم علمه بأن نهايته الحزينة قدر محتوم
كانت إبتساماتي نوعا من إجبار أسارير الوجه على الإنفراج
وضحكاتي بلهاء مصطنعة
كان لساني ثقيلا إذا أراد الكلام
وعيني شاردة إذا هزمني الصمت وأطبق على خلجات النفس.
علمت أن الرحيل قادم
سواء أكان إلى عالم مجهول،
من يدخله لا يعود.. ولا يحكي ما كان وما سيكون،
أو أكان إلى أرض غير الأرض ورفاق غير الرفاق
كانت لوعة الفراق أكبر من أن تحتمل
وكانت العلة أشد من أن تداوى
كأنما نسائم الرحمة قد حولت مداراتها عني
وتركتني فريسة لآلام تعذب ولا تقتل
منعت حتى الصرخات من ان تجد لها طريقا
إلى خارج الروح والقلب المعذبين
كان الألم صامتا والآهات مكبوته
وكان صوت عقارب الساعات
دقات تنقر في صخر العمر فتهلكه.
هنا.. لا أراك..
ولا أسمعك..
ولا أسمع عنك..
ولا تحكي الناس حكاياتنا..
هنا أرسم الخط الفاصل بين البحر وبين النهر..
بين ملوحة تزيد من آلام الجرح
وبين عذوبة تداوي أوجاع الروح..
فقط أطلب منك شيئا واحدا وأخيرا..
أرجوك بل أتوسل إليك
....................................
أن تبعدي طيفك عني
في يقظتي وفي نومي..
تلك رسالتي الأخيرة إليك..
رسالتي التي لن تقرئيها