السبت، 1 يناير 2011

تأملات في الحياة و الموت والسعادة المطلقة


الإنسان كائن حائر – حائر لأنه يفكر ويسأل ويبحث عن المعرفة – ينشد الراحة والسعادة بين طيات المجهول – يبحث عن المطلق في عالم نسبي متغير – كلما زادت عنده المعرفة زادت معها حيرته – وكلما شرب من ماء البحر إزداد عطشا ولم يرتو ..... كل الأسئله عنده مباحه – ولكن كل الإجابات نسبية – وقد ينقله ذلك أحيانا من الحيرة إلى الشك ومن الشك إلى الجنون...... أو إلى غير ذلك من حالات الوجع العقلي المفزعه .....

السؤال هو البدايه – تلك البداية التي قد تؤدي بالإنسان أحيانا إلى اللانهاية .. وعندما يبدأ الإنسان بالسؤال بحثا عن المعرفة فهو قد قرر السباحة في فضاء لامتناهي، أو في بحر شاسع عميق .. وهو يحتاج في الأول إلى حبل قوي غليظ وفي الثاني إلى طوق نجاة يربطانه بسفينة الخلاص ... يحتاج إلى الإيمان الذي لا يفلته إلى الجنون إذا أراد أن يجد إجابات لهذه الأسئلة .....................................

جأج

هل توجد حقيقة مطلقة في الحياة؟
نعم، الموت .. الموت هو الحقيقة المطلقة الوحيدة في الحياة ...... وكل ما عدا ذلك هو نسبي و متغير

هل توجد حقيقة مطلقة في الموت؟
نعم، الحياة .. الحياة هي الحقيقة المطلقة الوحيدة في الموت ..... وكل ما عدا ذلك هو غيب لا يعلمه إلا الله
"الناس نيام فإذا ماتوا إنتبهوا" ...... فالموت حياة

الحقيقة المطلقة الوحيدة في الحياة هي الموت – والحقيقة المطلقة الوحيدة في الموت هي الحياة!!!
أهو قمة التناقض؟ أم منتهى التكامل؟ - لا يهم – ففي كلا الحالتين النتيجة مذهلة ومثيرة للعجب.  

هل توجد سعادة مطلقة؟ وإن وجدت فأين؟ وكيف هي؟ وهل ذاق إنسان طعمها من قبل؟ وهل يمكن للإنسان أن يجمع بين الراحة والسعادة؟

آدم .....................

نعم .. إن أول إسم يتبادر إلى الذهن إذا بحثنا عن إجابة لهذه الأسئلة هو...... آدم

فآدم هو الإنسان الأول – والأخير – الذي ذاق طعم السعادة المطلقة..
 حياة آدم في الجنة كانت هي السعادة المطلقة – والمتعة المطلقة..
لم يكن مطالبا بالعمل أو بالإجتهاد أو بالأخذ بالأسباب لتحصيل السعادة
كان يستمتع باللحظة ولا يشغل نفسه بالقلق على الغد القادم

لقد قدر لآدم في الجنة أن يحلم فيتحقق ما يحلم به – وأن يتمنى فينال ما يتمناه – وأن يشتهي فيجد ما يشتهيه بين يديه
 سجدت له الملائكة طاعة لأمر الله – وأثارت علو منزلته حسد وغيرة الشيطان الذي كان قبل آدم يمشي بين الملائكة مزهوا بنفسه كالطاووس بين الطيور

لقد قدر لآدم في الجنة أن يحقق المعادلة المستحيلة حين جمع بين الراحة والسعادة.........

ما الذي أفسد عليه هذه السعادة وهذه المتعة؟ ما الذي أخرجه من الجنة وقوض أركان المعادلة؟

لحظة واحدة من عدم الرضا والقناعة .. شعر بها .. عاشها .. ومارسها ..
ملك كل شيء – ونهي عن شيء واحد
لحظة واحدة لم يرض فيها بهذه الحقيقة أفسدت عليه كل شيء – طمع في أن ينال شيئا واحدا نهي عنه فأضاع كل شيء
فكان التكليف والجهاد والإجتهاد..
وكان إلزام النفس بالأخذ بالأسباب لتحصيل السعادة والمتعة – التي لم تعد أبدا كما كانت..  مطلقه.

نعم إنها لحظة واحدة من عدم الرضا شعر بها آدم وعاشها فكان ما كان – كان الجزاء أن يخرج من الجنة وأن يهبط إلى الأرض – وكتب عليه أن يعاني ومن بعده ذريته الدهر كله..
فما الحكمة؟
وهل ضاعت منا السعادة المطلقة إلى الأبد؟
وكيف نستردها؟


كثيرون لم يتعلموا الحكمة بعد – هم يملكون الكثير والكثير .. ولكن شيئا واحدا – منهيا عنه – يتوقون إليه وينشغلون به وقد يحتالون بكل الطرق للحصول عليه – وفي نفس اللحظة التي ينالون فيها مايريدون يخسرون كل شيء – ويخرجون من جنة الراحة والسعادة المحدوده في الدنيا – هي نفس لحظة عدم الرضا التي عاشها آدم فأفسدت عليه سعادته وأخرجته من جنته – يعيشها من بعده أبناؤه كل يوم ملايين المرات – فهل تعلمنا الدرس؟

ما السبيل إلى إسترداد السعادة المطلقه؟
لكي نسترد السعادة المطلقة لابد أولا أن نجيب على هذه الأسئلة ..

أين كانت السعادة المطلقة الأولى؟ - في الجنة
لماذا أخرج الإنسان الأول من الجنة وفقد السعادة المطلقة؟ - لأنه عاش لحظة من عدم الرضا وعدم القناعة ومارسها
كيف يسترد الإنسان السعادة المطلقة ويعود إلى الجنه؟ - بالرضا والقناعة
كيف يحافظ الإنسان على الإحساس الدائم بالرضا والقناعة في دنيا أهم صفاتها أنها دار إبتلاء؟ - بأن يستعين بالصبر والصلاة
وماذا لوخانه ضعفه البشري مرة ومرات؟ - عليه بالإستغفار

ثلاثة أسباب لتحصيل السعادة في الدنيا ..
الرضا والقناعة
الصبر والصلاة
والإستغفار

إن تحصيل أسباب السعادة في الدنيا هي قهر لفكرة الخوف من الموت ..
وهي أيضا ضمان لتحصيل السعادة المطلقة في حياة ما بعد الموت ..

هناك تعليق واحد: